جميع ما جرى وهو ببغداد، فاستنصر [1] من الغلمان من كان حاضرا معه،
[الفتنة بين الشيعة والسّنّة]
واستحضر من كان غائبا عنه، وتغلّب على مدينة السلام، وانحاش [2] إليه طوائف العوامّ المنتسبة إلى السّنّة. ولما انبسط هذا الصنف من العامّة استضاموا أضدادهم من الشيعة، وكانوا مبغضين لبختيار، وناصبوهم الحرب.
وتحزّب كلاّ [3] من الفريقين، وكانت الشيعة أقلّ، فتحصّنوا في أرباض الكرخ من الجانب الغربي من مدينة السلام، واتّصلت [4] الحرب وسفكت دماء كثيرة، واستبيحت المحارم [المحصورة] [5] وأحرق الكرخ حريقا ثانيا بعد الحريق الأول، وافتقر التجّار، وغلبهم العيّارون [6] على أموالهم وحريمهم ومنازلهم، ونادى أهل الشيعة بأشعار لبختيار [7]، ونادى أهل السّنّة بأشعار لسبكتكين [والأتراك] [8]، واحتوى سبكتكين على الخزائن والسلاح والعدد، وأخرج إبراهيم وأبا ظاهر أخوي بختيار ووالدته وجميع عياله، وأحرق منازلهم ونهبت دورهم، وأباح العامّة ذلك.
[الأتراك يجبرون المطيع لله على خلع نفسه من الخلافة]
وعزم المطيع لله على الخروج من بغداد هربا من الفتنة، فقبض عليه الأتراك وجيوشه ودعوه إلى تسليم الأمر إلى ولده أبي بكر عبد الكريم، فأجاب إلى ذلك خوفا منهم وعهدا [9] إليه، وبرّيء من الخلافة، وخلعه [10] وأشهد على نفسه بالعجز عنها، وأنّه قد انخلع منها طوعا، وأنّه قد جعلها في [1] في نسخة بترو «فاستنفر». [2] في نسخة بترو «وان حاش». [3] كذا، والصحيح «كلّ» كما في النسخة البريطانية. [4] في نسخة بترو «وانصلب». [5] زيادة من نسخة بترو. [6] في الأصل وطبعة المشرق 142 «الغيّارون» وما أثبتناه هو الصحيح كما في البريطانية. [7] في نسخة بترو «بشعار بختيار». [8] زيادة من نسخة بترو. [9] في النسخة البريطانية «وعهد» وهو الصحيح. [10] في النسخة البريطانية «وخلعها».